ترى هل يؤدى عدم النضج السياسى لجزء من الناخبين وكثرة عدد المتخلفين إلى النظر نظرة جدية إلى عملية الإنتخاب ؟
حلت الديموقراطية فى كثير من البلاد محل الملكية ذات الحق الإلهى ويعتبر حق الإنتخاب فى هذه الديموقراطيات العنصر الأساسى إذ أنه يسمح بتمثيل المواطنين فى الحكومة ولكن ورغم أن مبدأ الإنتخاب العام قد شرع منذ عام 1789 ضمن إعلان حقوق الإنسان فقد ظل زمنا طويلا غير مطبق وفى القرن 19 كان حق الإنتخاب محددا بالسن والجنس وبصفة خاصة بالثروة فللحصول على صفة الناخب كان لابد من دفع قيمة معينة من الضرائب وكان ذلك يعرف بالإنتخاب الإحصائى وفى فرنسا لم يتقرر الإنتخاب العام بالنسبة للرجال إلا بعد ثورة 1848 .
وكانت الدول الأنجلوسكسونية هى أول من منح حق الإنتخاب للنساء وقد طبقته ولاية "وايومنج" فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1890 ثم عمم فى باقى الولايات المتحدة فى عام 1920 ثم فى إنجلترا فى عام 1928 أما فرنسا فلم تقره إلا فى عام 1944 .
- تحديد حق الإنتخاب
فى كل الدول لا يتمتع بحق الإنتخاب سوى الأشخاص البالغيين ومن الرشد الإنتخابى (الذى يتفق عادة مع سن الرشد المدنى) يختلف بين 18 و 21 عاما فهو 18 عاما فى كل من الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى وأنجلترا وحديثا فى جمهورية ألمانيا الإتحادية (إعتبارا من عام 1972) وفى فرنسا حيث يبلغ سن الرشد الإنتخابى 21 عاما قدمت الحكومة أخيرا مشروعا يقترح تحديد هذه السن بــ 19 عاما .
وهكذا يبدو السن أولى محددات صفة الناخب كما أن بعض الأفراد يمكن أن يحرموا إذا ثبت بحكم قضائى أنهم مختلون عقليا وهو ما يحرم الشخص المصاب من حقوقه المدنية هذا وقد صدرت قيود أكثر تعسفا فى بعض العصور ففى فرنسا فى عهد الجمهورية الثالثة وحتى عام 1946 ظل رجال الجيش محرومين من الإنتخاب .
ولا يقتصر حق الإنتخاب على السماح للمواطنين بإنتخاب ممثليهم فى الحكومة وفى البرلمان بل إنه يساعدهم على حل بعض المشاكل والواقع أنه فى أثناء الإستفتاء العام يعبر الناخبون "بنعم أو لا" عن مشروع يهدف إلى تعديل مؤسساتهم أو عن إجراء هام يتعلق مثلا بتغيير بعض المواد فى دستور البلاد وأخيرا فإن الإنتخابات لا تجرى دائما على المستوى القومى إذ أنه يمكن أن تكون محلية أو ريفية أو أقليمية أو إتحادية أو نقابية أو حزبية بإختلاف البلاد .
والإنتخابات التى تجرى للتصويت المباشر تسمح للناخبين بإختيار حكامهم إختيارا فوريا تلك هى الحال فى فرنسا لإنتخاب رئيس الجمهورية والنواب وفى الولايات المتحدة لإنتخاب أعضاء مجلس النواب وفى بريطانيا لإنتخاب أعضاء مجلس العموم وبالعكس ففى أثناء الإنتخابات للتصويت غير المباشر يجرى إنتخاب مندوبين لا يزالون يعرفون بإسم الناخبين للدرجة الثانية أو "الناخبين الكبار" (فى الولايات المتحدة) وهم الذين ينتخبون فى دوره ثانية للحكام .
- الإقتراع بالأغلبية
من بين مختلف النظم الإنتخابية المتبعه نظام الإقتراع بالأغلبية وهو أبسط هذه النظم وإن كان يطبق على أشكال عدة وهى :
الأغلبية المطلقة أو الإقتراع بالأغلبية على درجة واحدة
فمهما كان عدد الأصوات الحاصل عليها المرشح فإن المرشح الذى يحصل على أكبر عدد من الأصوات يعتبر هو الفائز ويجرى تطبيق هذا النوع بصفة خاصة فى البلاد الأنجلوسكسونية وفى الولايات المتحدة .
الأغلبية النسبية أو الإقتراع بالأغلبية على درجتين
وللفوز فى الدرجة الأولى يجب أن يحصل المرشح على الأغلبية المطلقة من الأصوات الصحيحة أى نصف عدد الأصوات زائدا واحدا فإذا لم يحقق أى من المرشحيين هذا الشرط يعاد الإنتخاب فى دورة ثانية ويكون الفوز فيها بالأغلبية النسبية .
وأخيرا فهناك نظام ثالث للإقتراع بالأغلبية وفيه يفوز المرشح الذى يحصل على نسبة مئوية محددة من الأصوات الصحيحة وهى نسبة تتراوح بين 30 % و 65 % غير أن هذه الطريقة لا تزال قليلة الإستخدام وقد أمكن ملاحظة أن الإنتخاب بالأغلبية بدرجة واحدة يميل إلى الإزدواج فى البلاد التى طبقته وعلى العكس فإن الإنتخاب بالأغلبية على درجتين يميل إلى تعدد النتائج .
وقد أستخدمت بلجيكا منذ عام 1899 طريقة التمثيل النسبى وأنتشر بعد ذلك فى كل بلدان أوروبا (عدا فرنسا) فى بداية القرن العشرين وهو مطبق اليوم فى كثير من الدول الأوروبية .
وكل الأحزب السياسية تخرج من المعركة الإنتخابية وقد حصلت على عدد ما من المقاعد مناسبا مع عدد الأصوات التى حصلت عليها ولتخصيص المقاعد تلتزم الأحزاب بعمل قوائم بأسماء مرشحيها .
وإذا كان الإقتراع يجرى على المستوى القومى فإن الناخبين يعطون أصواتهم لحزب سبق له أن عين أسماء مرشحيه وأذا كان الإقتراع يجرى على المستوى المحلى (المحافظات مثلا) فإن الناخبين يعطون أصواتهم لمرشح واحد وحزب واحد .
ومن جهة آخرى فإنه من الضرورى حساب "ناتج الإنتخابات" ويقصد به عدد الأصوات التى لزمت للحصول على مقعد وهذا العدد يساوى مجموع عدد الأصوات المعطاه مقسوما على عدد المقاعد .
غير أن هذه الطريقة تسبب العديد من المشاكل ذلك لأن الأصوات التى يتم الحصول عليها لكل حزب لا تكون أبدا مضاعفة للناتج الإنتخابى ولذلك فإنه من الضرورى بالنسبة لبواقى القسمة الإلتجاء لتوزيع جديد للمقاعد الخالية وذلك بعمليات غاية فى التعقيد وأخيرا فأنه يجب ملاحظة أن بعض البلاد قد أتبعت طرقا مختلطة تجمع بين الإقتراع بالأغلبية وبين التمثيل النسبى وهو ما يحدث فعلا فى اليابان .
- ضمانات حق الإنتخاب
ومما سبق نجد أن كل مواطن يفضل حق الإنتخاب يستطيع أن يشارك مباشرة (عن طريق الإستفتاء) أو بطريقة غير مباشرة (بالإنتخاب) فى الحياة السياسية القومية ومع ذلك فإنه من الضرورى أن يكون الصوت محاطا ببعض الضمانات ولا سيما فيما يختص بحريته ولكى يكون الصوت حرا يجب قبل كل شيئ أن يكون بعيدا عن كل ضغط أدبى أو مادى كما يجب أن تكون له السمه الشخصية غير المعلنه غير أن الآراء قد أختلفت فيما يختص بإلتزام التصويت ويتلخص الإختلاف فيما إذا كانت حرية الصوت يجب أن تمتد وتشمل حرية التصويت ففى بلجيكا والدانمارك وإيطاليا ولكسمبورج يعتبر التصويت إجباريا ومع ذلك فإن المناقشة باقية مفتوحة حول ما إذا كان التصويت واجبا على المواطن أم هو حق من حقوقه .