الديموقراطية


هذا اللفظ الذى يعنى سلطة الشعب أستخدم للدلالة على أنظمة سياسية شديدة التباين ولن يتوقف إستخدامه لهذا الغرض

يمكن القول إن الديموقراطية قبل كل شيئ مبدأ سياسى يقضى بوجوب أن تكون السيادة لمجموع المواطنين وقد ألهم هذا المدلول على مدى التاريخ وإلى يومنا هذا عددا من المنظمات السياسية التى كانت تقوم على نفس المفاهيم وإن كانت تختلف قليلا الواحدة عن الآخرى .
وهكذا نستطيع أن نتصور كشكل أول من الأشكال البسيطة للديموقراطية نظاما يتحدد فيه العمل السياسى بوساطة مجموع أهالى منطقة ما أو مدينة ما وذلك بإجماع الآراء أو بالأغلبية المطلقة وهذا هو ما يعرف بالديموقراطية المباشرة أو بالديموقراطية التاريخية أو الإغريقية إذا كانت تتعلق بشعوب قديمة .
وعلى مستوى آخر نجد أن الديموقراطية النيابية وفيها يختار الشعب ممثليه وهؤلاء يكونون مسئولين عن أعمالهم وتصرفاتهم أمام الأفراد الذين أنتخبوهم .
وهناك نوع آخر من الحكومات يعتمد على الأغلبية التى تاتى عن طريق الإنتخاب العام ويزاول السلطة فى إطار نظام دستورى تهدف قيوده إلى كفالة حقوق التشكيلات السياسية الآخرى وكذلك الحريات الأساسية للفرد وهى حرية الفكر والتعبير وحرية العقيدة الدينية . . وهذا الشكل من الديموقراطية يعرف بالديموقراطية الدستورية أو التحررية هذا وتبعا لما إذا كانت إحدى المنظمات أو الآخرى الممثلة تزاول الجزء الأكبر من السلطة فإن قواعد المعاملة يمكن أن تتغير ويمكن أن تقوم أشكال أخرى من الديموقراطية من الديموقراطية البرلمانية أو الرئاسية .
وهناك شكل رابع من التنظيم السياسى يجب أن نعتبره على حده وهو النظام المعروف بالديموقراطيات الشعبية أو الإشتراكية النابعة من الفكر الماركسى .
  • نشأة الديموقراطية 

كان أول ظهور لكلمة الديموقراطية فى اللغة اليونانية من "ديمو" أى الشعب و"كراتوس" بمعنى السلطة وهى تدل على نوع الحكومة التى كانت قائمة فى مدينة أثينا فى القرن الخامس ق.م .
كان هناك فى بادئ الأمر ملوك تمكنوا من تحقيق الوحدة السياسية لأثينا ثم جاء الأشراف ملاك الأراضى من اليوباتريد وأستبدلوا بالملكية "مجمع الولاة" (الحكام) وكانوا يصدرون القرارات السياسية وسرعانما أدى الأزدهار الإقتصادى الذى ساعدت عليه سياسة الغزو إلى تولى الطبقات الأكثر ثراء زمام السلطة وتحديد وضع الهيئات السياسية الأساسية وهى مجلس الشيوخ ومجلس العموم الذى يجمع بين المواطنين حسب ثرواتهم .
غير أن اليونان لم تتحول إلى الديموقراطية إلا فى عام 507 ق.م وذلك بتأثر كليسثين وأصبح جميع المواطنين متساويين فيما بينهم وكانوا ينتخبون حكامهم كما كان رأيهم حتميا فى كل المسائل الهامة التى تخص البلاد غير أنه مما تجب ملاحظته أن المرآه ظلت بمنأى عن الحياه الإجتماعية والسياسية فى حين لم يكن العبيد يتمتعون بأى حقوق وإن كانوا من جهة آخرى يمثلون القاعدة الضرورية لإقامة حكومة تمثل كافة الطبقات والواقع أن الرجل الأثينى وقد أعفى من من القيام بالواجبات الأساسية صار يقضى الجزء الأكبر من وقته فى الإهتمام بالمسائل العامة وإنا لنشاهد آثار هذا النوع من الديموقراطية المباشرة فى بعض مقاطعات سويسرا وفى إطار المجالس البلدية فى نيوإنجلاند .
  • الديموقراطية الحديثة 
لم يبدأ تطبيق نظام الديموقراطية غير المباشرة داخل حدود إنجلترا إلا فى القرن 17 أما ولايات أمريكا الشمالية فلم تتمكن من إدخال مثل هذا النظام إلا عن طريق حرب الأستقلال وفى عام 1789 شاهدت أوروبا حدثا كان له أثر خالد عليها وذلك هو الثورة الفرنسية وفى عام 1950 كانت معظم الدول الحديثة قد إتبعت نظما ديموقراطية .
والنظام الديموقراطى فى أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات فهناك من جهة جهاز تشريعى (مجلس الشعب) ومن جهة آخرى جهاز تنفيذى (الحكومة) مسئولا أمام الجهاز التشريعى أو رئيس يكون هو الآخر مسئولا ومما تجدر ملاحظته أنه وتبعا لمختلف البلاد يلزم قيام بعض الهيئات الرقابية لضمان مطابقة القرارات والإجراءات السياسية لبنود القانون أو الدستور كما هى الحال فى الولايات المتحدة مثلا .
ومن جهة آخرى وهو الأهم فإن كل هذه الجالس أو الرؤساء يتم أنتخابهم بالتصويت الحر من جانب أغلبية الشعب أو جزء منه ومعنى ذلك أنه من الجائز أن يكون هناك خيار بين عدة أحزاب أو ممثلين لها وهكذا فإن الدساتير تنص على تشكيل هذه الأحزاب ونذكر لذلك مثلا : 
  1. من واقع الدستور الفرنسى المادة (4) تتنافس الأحزاب السياسية عن طريق الإنتخاب وهى تتكون وتمارس نشاطها بحرية ويجب عليها إحترام مبدأ السيادة القومية والديموقراطية 
  2. من واقع الدستور الإيطالى المادة (49) لكافة المواطنين الحق فى حرية الإشتراك فى أحزاب للتنافس طبقا للمبادئ الديموقراطية فى سبيل تحديد السياسة القومية 
ويمكن إستخراج نفس النص من دستور الجمهورية الألمانية الإتحادية ومما هو جدير بالذكر أيضا أنه وإن لم يكن هناك فى بريطانيا نص يمنح الأحزاب السياسية مثل هذا الحق إلا أن إضفاء لقب "زعيم المعارضة" على رئيس حزب الأقلية وهو ما يعززه دفع راتب له من وزارة الخزانة يمكن أعتباره إعترافا رسميا وقانونيا بالخصم .
ومن جهة آخرى فهناك العديد من القوانين التى تعتبر جوهرية والتى تتضمن الحرية للفرد أو المعارضة وهكذا يعتبر أن كل فرد له الحق فى إصدار حكم أو إبداء رأى والتجمع مع من يشاء من أفراد آخرين بهدف الدفاع عن الأفكار الجديدة ومن المقرر أن العدالة من الوجهة النظرية يجب أن تكون مكفولة للجميع وأن على القضاة أن يحكموا بطريقة بعيدة عن التحيز كما أنه من الضرورى جدا أن تكفل الحماية للفرد المعزول ضد تعسف حكومة ترغب فى فرض سيطرتها على الجميع .
  • الديموقراطيات الشعبية 
فى نهاية الحرب العالمية الثانية ظهرت الديموقراطيات الشعبية فى أوروبا الشرقية وبعض مناطق آسيا وبصفة خاصة فى الصين وكان تنظيمها على غرار النظام الذى أسنته الإتحاد السوفيتى وكان هذا الأخير قد غير نظامه السياسى (نظام روسيا القيصرية) مع قيام ثورة دامية أستلهمت أفكار كارل ماركس وقد أعلن الماركسيون أن المجتمع الصناعى الجديد لم يفعل أكثر من زيادة إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان عن طريق سيطرة قله من أفراد الشعب بكل وسائل الإنتاج والسلطة فى البلاد بأكملها وكانوا يرون أنه أصبح من الضرورى ـ إذا لم يتحقق الهدف تلقائيا كما كانوا يظنون ـ إقامة نظام يكفل للشعب فرض إرادته وكان معنى ذلك أيضا القضاء على نظام الطبقات الإجتماعية ليمكن تطبيق المساواة بين جميع أفراد الشعب .
غير أنه سرعان ما تبين للمهتمين على هذا النظام أن الإنسان لم يتهيأ بعد للحياة فى إطار الدولة الإشتراكية فعلية تسود فيها المساواة وأنه لابد من قيام حكومة قوية تعمل بأسم الشعب للتمهيد للمستقبل وهكذا يمكن أن نتبين أن مدلول الحرية الفردية فى تلك البلاد وإلى اليوم مدلول مختلف تماما وأنه مايزال خاضعا للعمل المشترك .
فالإتحاد السوفييتي مثلا هو والدول التى تسير فى فلكه يزاول السياسة المحددة والمخططه ومن جهة آخرى نستطيع أن نلاحظ أن نظام الحكم فى تلك الدول يقوم على أساس دستورى محدد فالدستور السوفيتى لعام 1936 مثلا الذى صدر بأسم الشعب ( أى مجموع القوى العاملة من عمال وفلاحين ) ينص على قيام جهاز تشريعى يتكون من مجلسين وينتخب أعضاؤهما بالتصويت العام ومع ذلك فإن الظاهرة التى تلفت النظر هى أنه لا يوجد سوى حزب واحد يتم إنتخاب رجال السلطة بين أعضائه وهذه الظاهرة هى إحدى الإختلافات الرئيسية عن النظم التى نعرفها .
  • الديموقراطية الغربية 

ومن جهة آخرى فإن العالم الغربى لا يخلو من التساؤلات الهامة من جانب المسئولين فيه أو الشعوب التى يتكون منها وهكذا نستطيع أن نحدد شكلا آخر من الديموقراطية يمكن تطبيقه بصفة عامة وهو الديموقراطية الإقتصادية والإجتماعية وهنا نجد أن التأكيد يقوم على نتائج العمل الحكومى أكثر مما يقوم على الأشكال التى قد يتخذها هذا العمل .
كما نجد أن المواطنين يتحملون مسئولية إختيار حكامهم ولكنهم يتركون لهؤلاء حرية العمل على تأدية أعمال الحكومة بأفضل الطرق التى تكفل النهوض بالإقتصاد إلى أعلى مستوى وأن يكون التنظيم على خير وجه ممكن وتسعى معظم الدول الحديثة إلى تنمية إنتاجها الصناعى وتنويع أنشطاتها الإقتصادية بهدف رفع مستوى المعيشة لكافة أفراد الشعب ومن جهة آخرى فإن هذا النظام يعمل على الحد من التفرقة الإجتماعية على كفالة التعليم والثقافة للجميع بأقصى قدر من الحرية وهو مطلب كان فيما مضى مقصورا على الأقلية من المثقفين السياسيين فأصبح مشاعا للجميع ومادام هذا النظام يظل هدفا عاما يسعى إليه الجميع فإننا نستطيع القول بأن نموه يزداد تأكيدا ورسوخا . 
  • أجهزة الديموقراطية 

مؤسسات تمثيلية 
  1. تمنح السيادة القومية لأغلبية ينتخبها الشعب 
  2. تحكم الأغلبية بالتعاون مع الذين أنتخبوها 

حرية الآراء وتنوعها 
  1. إنتخاب حر وإحترام الأغلبية لحقوق الأقلية 
  2. حق المعارضة وتنوع الأحزاب والتجمعات 
الدفاع عن حقوق الأفراد 
عمل الحكومة أساسا فى المجالين الإقتصادى والإجتماعى