المنظمة الدولية للعمل صندوق النقد الدولى المنظمة العالمية للصحة وغيرها من المنظمات التى أنشأتها هيئة الأمم المتحدة أو تبنتها تعمل كلها على تحسين العالم وإدارته
منذ القرن 19 كان يبدو أنه من الضرورى تنظيم العلاقات بين الأمم وخلق هيئات تكون قادرة على حل المنازعات التى قد تنشأ حلا سليما وإنطلاقا من هذا الإهتمام تكونت أولى المنظمات الدولية غير أن فكرة مثل هذه المنظمات لم تمر دون أن تواجه معارضات شديدة من جانب الدول العظمى التى لم تكن تميل لطرح منازعاتها أمام منظمة دولية يكون للدول الآخرى الأعضاء الحق فى مناقشتها بل وإصدار قرار فيها .
- المنظمات السياسية
نصت معاهدات الصلح التى أبرمت فى أعقاب الحرب العالمية الأولى 1914 ـ 1918 والحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945 على تكوين منظمات سياسية دولية بهدف المحافظة على السلام وكانت نقطة البداية بالنسبة لعصبة الأمم الرسالة التى قدمها الرئيس ويلسون فى مؤتمر الولايات المتحدة الأمريكية يوم 8 يناير 1918 كانت المنظمة تقوم على مبدأ "المشاركة الحره للحكومات والشعوب" وتحدد مقرها فى مدينة جنيف وكانت عصبة الأمم تتكون من 30 عضوا مؤسسا (الحلفاء) وفيما بعد إنضم إليهم أعضاء عن الدول المقهورة ليبلغ مجموع أعضائها 60 عضوا كانت جمعيتها العمومية تضم كل الأعضاء أما المجلس فكان يضم الأعضاء الممثلين للدول العظمى فيما عدا الولايات المتحدة ومع أن العصبة إستطاعت حل بعض المنازعات إلا أنها أظهرت عجزها عندما إندلعت نيران الحرب العالمية الثانية .
وقبل إنتهاء تلك الحرب نشأت فكرة منظمة عالمية جديدة وقد نمت هذه الفكرة عن تصريح الأمم المتحدة الصادر فى يناير 1942 وأصبحت البرنامج العام لكل الدول المشتركة فى الحرب ضد قوات المحور وأخيرا وقبل إنتهاء الحرب كانت المناقشات قد تقدمت كثيرا بحيث أمكن عقد مؤتمر دولى فى سان فرانسسكو 25 أبريل 1945 وبعد شهرين من المناقشات الحادة وفى يوم 26 يونيه 1945 وقعت المعاهدة التى نصت على إنشاء منظمة عالمية وقد وقعتها وقتها 50 دولة وسميت بميثاق الأمم المتحدة وتضم هذه المنظمة اليوم 143 دولة أعضاء ولأن كانت جهودها لم تكلل دائما بالنجاح فى المجال السياسى إلا أن الأمر يختلف تماما بالنسبة للمنظمات الفنية أو المتخصصة التى تتبعها .
- المؤسسات المتخصصة
طبقا للمادة 57 من ميثاق الأمم المتحدة فإن المنظمات الفنية الدولية التى كانت قائمة من قبل ضمت لهيئة الأمم المتحدة وعرفت بإسم "المؤسسات المتخصصة" ومنها "الإتحاد العالمى للبريد" والذى يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1878 ومع أن تلك المنظمات منضمة إلى هيئة الأمم المتحدة إلا أن تنظيماتها إحتفظت بقدر من الإستقلال فجمعياتها العمومية هى التى تصادق بمعرفتها على ميزانيتها علاوة على ذلك فإن أعضاءها لا يشترط فيهم أن يكونوا أعضاء فى هيئة الأمم المتحدة كما أن لها مقرا خاصا بها فمقر اليونسكو مثلا يوجد فى باريس ومقر الإتحاد الدولى للمواصلات اللاسلكية يوجد فى جنيف .
وتكوين هذه المؤسسات متشابه دائما وهو يشمل :
جمعية عمومية أو مؤتمرا عاما يضم كل الأعضاء
مجلسا محدودا
مكتبا دائما يرأسه السكرتير العام
ويبلغ عدد المنظمات المتخصصة 13 منظمة نذكر منها المنظمة الدولية للعمل ومنظمة هيئة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وصندوق النقد الدولى والمنظمة العالمية للصحة .
منظمة العمل الدولية
أنشئت هذه المنظمة بهدف حماية العمل والعمال ويرجع تاريخ إنشائها إلى تاريخ معاهدة فرساى وكانت فى بداية نشأتها مرتبطة إرتباطا وثيقا بعصبة الأمم ومقرها هى الآخرى فى جنيف ثم إنتقلت إلى مونتريال عام 1940 وبعد ذلك ألحقت بهيئة الأمم المتحدة ومع أن تنظيمها ذو طابع تقليدى (جمعية عمومية ومجلس إدارة ومكتب دائم) إلا أن تركيبها فريد فى حد ذاته والواقع أنها لا تتكون من ممثلين للحكومات ولكن لثلاثة قطاعات إجتماعية فى تلك الحكومات
النقابات العمالية ( ممثل واحد )
نقابات أصحاب الأعمال ( ممثل واحد )
الحكومة ( ممثلان )
ومندوبون العمال وأصحاب الأعمال تعينهم الحكومات بالإتفاق مع المراكز النقابية الرئيسية ومقر المكتب الدائم فى جنيف حيث يعد جدول أعمال المؤتمر العام ويشمل قرابة 2000 موظف وتختص منظمة العمل الدولية بإعداد النصوص التى تنظم العمل البشرى والتى يجرى إقرارها بعد التصويت عليها بأغلبية الثلثين هذا ويجب التفرقة بين مجموعتين من النصوص :
- الإتفاقات الصادرة من منظمة العمل الدولية والتى تصير إجبارية بمجرد إقرارها
- التوصيات وهى غير إجبارية وهدفها الوحيد توجيه وإرشاد التشريعات المحلية
وتزداد أهمية وظيفة منظمة العمل الدولية وفاعليتها إذا علمنا أن أكثر من 100 إتفاقية قد أقرت
منظمة الصحة العالمية
ترجع نشأة هذه المنظمة إلى المؤتمرات الدولية الكبرى التى عقدت فى أواخر القرن 19 والتى كان إجتماعها يهدف إلى مكافحة الأوبئة الخطيرة وكان ذلك هو هدف مؤتمرات ضد الكوليرا 1892 وضد الطاعون 1897 وهى مؤتمرات كانت تنعقد على أساس مبدأ التعاون الصحى الدولى وكانت مهمة مؤتمر روما 1907 هى منح هذه المنظمات الدورية صفة الدوام فأنشئت 10 مكاتب دولية للصحة العامة حدد مقرها فى باريس وفيما بعد تعاونت هذه المنظمة مع لجنة الصحة التى أنشأتها عصبة الأمم ثم نقل إختصاص هاتين المؤسستين إلى المنظمة العالمية للصحة التى أنشئت بناء على قرار مؤتمر سان فرانسسكو وقد عقدت أول جمعية عمومية لمنظمة الصحة العالمية فى جنيف يوم 27 يونيه 1948 ويجتمع ممثلو الدول الأعضاء فيها مرة كل سنه وإلى جانب المنظمة المركزية "التقليدية" توجد منظمات إقليمية تتكون من لجنة ومكتب إقليمى والنصوص التى تتبعها منظمة الصحة العالمية لها نفس طابع النصوص الصادرة عن منظمة العمل الدولية .
غير أن لمنظمة الصحة العالمية علاوة على ذلك سلطانا واسعا جدا وإن كان محصورا فى إطار محدد ونستطيع فى الواقع أن نصوغ "لائحة صحية دولية" تصبح واجبة التطبيق فى كافة الدول الأعضاء بعد التصويت عليها بأغلبية أصوات الجمعية ويعد هذا المثل الوحيد على السلطة التشريعية الدولية .
اليونسكو
ترجع نشأته مثله فى ذلك كمثل منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للعمل إلى إحدى مؤسسات عصبة الأمم وهى "مجلس التعاون الفكرى" وقد تأسس اليونسكو يوم 16 نوفمبر 1945 وتحدد مقره فى باريس وهو مزود بالتنظيم الثلاثى المتبع فى كافة المؤسسات المتخصصة وتجتمع جمعيته العمومية كل سنتين ويمتد نشاطه إلى جميع المجالات الثقافية والعلمية ومن أهدافه الرئيسية نذكر مكافحة الأمية والمحافظة على الآثار المهددة بالحروب أو الإنشاءات الفنية والتعاون العلمى الدولى .
صندوق النقد الدولى
أنشئ بناء على إتفاقيات بريتون وودز (كندا) عام 1944 وهو أقرب إلى أن يكون بنكا دوليا يتكون رأسماله من الإشتراكات جزء منها معدنى (ذهب) والجزء الآخر من النقد المحلى للدول الأعضاء ويحدد الصندوق المعادلة بين نقود الدول الأعضاء ولا يجوز تعديل هذه المعادلة دون موافقته وأخيرا فهو فى الحقيقة مصرف يعمل على تسهيل المبادلات الدولية إذ أن كل دولة تستطيع أن تشترى منه نقد أى دولة آخرى .
ومن بين المؤسسات المتخصصة الآخرى التى تتبع الأمم المتحدة ولكنها أقل شهرة يجدر بنا أن نذكر "منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة" و"الإتحاد العالمى للبريد" و"المنظمة الدولية للطيران المدنى" إن إنشاء هذه المؤسسات تم قيامها بالعمل المنوط بها ويتطلب مصاريف باهظة الأمر الذى يثير مشكلة تمويل هذه المنظمات .
وتتكون الإيرادات الرئيسية من المساهمات التى تدفعها الدول الأعضاء الثرية نسبيا وتوزع المسئوليات المالية على مختلف الدول مع مراعاة إمكانياتها من حيث حجم دخلها القومى مثلا وتضاف إلى هذه المساهمات فوائد القروض الدولية وأحيانا بعض الموائد التجارية ويدلنا التاريخ على أن المؤسسات الدولية لاقت فشلا فى تحقيق أهدافها ولم تتمكن من تجنب الصراعات وعلى العكس نجد أن المنظمات التى تعتمد على مبدأ التعاون الدولى وعلى معونة إقتصادية وثقافية وفنية تستطيع أن تجمع بين جميع الدول وهذا هو المجال المطلوب من المنظمات العالمية أن تنمو فيه مؤكدة بذلك حماية الإنسان فى صحته وفى عمله وإسهامها فى النمو الإقتصادى للدول المحرومة .