قال ستالين
"هناك ماركسية عقيدية وماركسية خلاقة وأنا أقف على أرض هذه الأخيرة "
ولد جوزيف فيساريو نوفيتش دزوجا تشفيلى يوم 9 ديسمبر 1879 فى جورى بولاية جورجيا وعند وفاة والدهفى عام 1890 حصل على منحة وأصبح طالبا فى دراسة اللاهوت بمدرسة تفليس الإكليركية العظيمة وفى عام 1895 أصبح مسيحيا مؤمنا ولكن إيمانه بدأ يتزعزع أمام عنف الأنظمة التى فرضها رؤساء المدرسة وهم من الجزويت (اليسوعيين) الموالين للنظام القيصرى وفى عام 1898 إلتحق جوزيف "بالجماعة الثالثة" التى تتكون من المثقفين المعارضين وفى عام 1899 فصل من المدرسة الإكليركية بعد أن ظل بها 11 عاما إكتسب خلالها معارف كثيرة وقوة جدلية إكتسبها من أساتذته فكان يعبر عن نفسه بالأسئلة والأجوبة متمسكا بإرادته ولا يقبل النقاش .
وفى تفليس إكتسب اللقب الذى أصبح أسمه الثانى فى السجل المدنى ففى ذات يوم بعد أن قتل خصما له بضربه بوحشية وهو يصيح "إننى من صلب" ومعناها بالروسية ستالين وعند عودته إلى جورى صار ستالين محصلا للضرائب ولكن كراهيته للأثرياء الذين كان يعمل لديهم جعلته يعود إلى تفليس حيث قبل وظيفة فى المرصد وكان يكرس كل وقت فراغه ليشكل نفسه كمناضل ماركسى .
- السنوات الصعبة
كان عمال السكة الحديدية فى تفليس قد قاموا بأول إضراب روسى وأهتم ستالين بتأييد هذه الحركة مما جعله موضع الشك وفى عام 1901 صدر أمر بالقبض عليه ولكنه كان قد علم بالخبر مسبقا فبادر بالفرار ولجأ إلى التخفى متخذا العديد من الأسماء المستعارة كان أشهرها هو إسم ستالين وصار ستالين عميلا بالجان الثورية السرية وظل ملاحقا فكان يعمل سرا محاولا إيقاظ مجتمع أفسده التراخى وأصبح بذلك زعيما للرجال فصدر الأمر بترحيله إلى سيبريا ثم هرب من التعبئة العامة وإبتداء من عام 1917 بعد الثورة الروسية عين فى هيئة تحرير صحيفة برافدا وهى الصحيفة التى أنشأها لينين كانت كتاباته مقروءه ويعمل لها حساب وفى عامى 1922 و1923 نزلت بلينين زعيم الثورة الروسية ضربات متتالية وعندما شعر بنفوذه وعجزه عن الحركة وجد من الوقت ما يسمح له بإصدار حكم قاسى على ستالين الذى خلفه فى منصب السكرتير العام وهو منصب هام وصرح بقوله "إن ستالين شديد القسوة وأقترح على الرفاق أن يستبدل به رجل أكثر وفاء" .
ولكن الوقت كان قد فات إذ أن ستالين فى الواقع كان يملك السلطة المطلقة وكان تحت إمرته 400.000 من رجال الحزب يحيط بهم 20.000 مسئول يحكمهم نظام حديدى وكانوا يطيعونه طاعة عمياء وهناك ما يدعو للإعتقاد بأن ستالين نسخ تنظيمه طبقا لتنظيم أساتذته القدماء الصارمين الذين تتعذر المعاملة معهم وهم اليسوعيون وشيئا فشيئا أخذ يتخلص من زملائه فى المكتب السياسى وعددهم 7 كان أشهرهم تروتسكى الذى صرح عند رحيله إلى المنفى فى عام 1928 "بأن الثورة آكله نهمة للرجال" وقد ذكر عدد المنفيين بخمسة آلاف قتلوا جميعهم بأمر ستالين وقد أغتيل تروتسكى فى عام 1940 فى المكسيك حيث كان يقيم .
- الرجل الحديدى
فى عام 1929 أصبح ستالين الرجل الوحيد الذى يدير شئون الإتحاد السوفييتى الشاسع الأطراف وقد كون بوليسا خاصا سمى الجيبيو مكونا من 50.000 موظف وعميل سرى ومن 60.000 رجل شرطة كانوا يؤدون القسم بإعتبارهم من النخبة الممتازة وكان ستالين يشبه الإتحاد السوفييتى بالحزب وكان يريد أن يصنع من روسيا أمة تحمى الفئة العاملة التى ستسيطر على العالم وكان بوخارين مدير البرافدا لديه من الجرأة ما أستطاع معه إبداء شك فى هذه الآراء وقد إضطر إلى أن يعلن للجمهور أخطاءه قبل إختفاءه وهذه الطريقة فى الحكم أو النقد الذاتى كانت السمه الأساسية لعهد ستالين مما أفضى إلى سقوط كثير من ذوى المراكز الكبيرة .
- السنوات العصيبة
كان من الإجراءات الأساسية التى إتخذها الثوار تجميع الأراضى المملوكة للنبلاء غير أن الفلاحين الملاك (الكولاك) عارضوا هذا القرار وعندئذ أمر ستالين بتحطيم المعارضة وأوفد كتائب خاصة للقبض على المعارضين أو إعدامهم فكانت النتيجة أن تلفت الزراعة ولهذه المناسبة قال ستالين لرئيس الوزراء البريطانى ونستون تشرشل "كان صراعا رهيبا شمل 10 ملايين من الفلاحين وكان أمرا فظيعا دام أربع سنوات" وفى عام 1934 إتخذ ستالين إجراءات تطهيرية وكان عدد المقبوض عليهم لا يقل عن 5 % من مجموع السكان وتدل الإحصاءات على أن أحكام الإعدام فى الفترة من 1934 إلى 1938 بلغ عددها مليونين وفى عام 1939 كان لتوقيع معاهدة عدم الإعتداء بين ألمانيا وروسيا دوى كهزيم الرعد فى الوقت الذى كانت تجرى فيه الإتصالات بين بريطانيا والإتحاد السوفييتى بهدف عقد معاهدة مساعدة فى وقت الحرب وبعد هجوم النازيين على الإتحاد السوفييتى حاول ستالين أن يعقد محالفة بأسرع ما يمكن مع الغربيين ولكنه صرح لدالاس فى عام 1945 قائلا "لا تنس من هم حلفاؤنا الإنجليز إنهم لا يسعون إلا لخداع شركائهم" وقد أدار ستالين الحرب العالمية الثانية بصفته القائد العام للجيش تبعا لأفكاره الخاصة فكان يضع الخطط ويشرف على القوات وعلى إنتاج السلاح والذخائر كما كان زعيما روحيا للأمة .
- الموت الثانى
غير أنه إبتداء من عام 1948 بدأت تظهر على ستالين إمارات التعب وكان قد بلغ السبعين وكانت إدارة البلاد عبئا ثقيلا على كاهله فكان يبقى دائما فى موضعه ودائما مطلق التصرف ومنفردا وفجأة فى يوم 5 مارس 1953 حلت النهاية وقد إختلفت الأقوال فى وصفها
ترى أين هى الحقيقة ؟
وهنا إستحق "الرجل الحديدى" التمجيد بعد وفاته فلقد حزنت عليه الدنيا بأسرها ولكن الوقت يمضى ورغم السرية التى أحيط بها تقرير خروشوتشيف فقد تسربت محتوياته وعلم العالم الحقيقة المذهلة وهنا نقل جثمان ستالين من الضريح الذى كان معروضا فيه إلى جوار لينين كما محى إسمه من المدن والميادين والشوارع ودمرت التماثيل التى كانت تمثله وكان ذلك بمثابة الموت الثانى للرجل أو القضاء على الستالينية .
إن أى حكم يتسم بالحرج ومهما كان رأى كل واحد بالنسبة لجوزيف ستالين فلابد من أن نضعه فى مصاف الرجال الذين أثرت حياتهم فى مصير العالم .
مواضيع ذات صله: