البورصة



المحرك أو الفرملة للإقتصاد الرأسمالى والمسرح اليومى لأسعار السوق وحركة البيع والشراء 
لا يستطيع إقتصاد البلاد الرأسمالية أن يعمل أو ينمو دون سوق الأوراق المالية تلك المؤسسة التى تتسم ببعض الغموض ونظام هذه السوق نظام قديم وهو اليوم الأداة المفضلة للتبادل التجارى فى السوق العالمية فإن كل منتج يرغب فى تحقيق أقصى ربح ممكن من بيع بضاعته وعلاوة على نوعية السلعة فهناك عنصران إقتصاديان يتحكمان فى تثبيت سعر بيعها فمن جهة كلما قلت كمية السلعة المعروضة فى السوق كلما أرتفع سعرها وبالعكس فإذا زادت كمية المعروض منها على طلب المستهلكين إنخفض سعرها وهذا هو ما يعرف بقانون العرض والطلب ومن جهة آخرى ولكى يطبق هذا القانون تطبيقا كاملا لابد أن يجتمع أكبر عدد من البائعين والمشترين فى مكان واحد مثل السوق وهنا يتحدد السعر الحقيقى للسلعة وهو السعر الذى يمكن أن يكون معروفا للجميع وسوق الأوراق المالية تؤدى نفس هذه المهمة فهى تجمع بين البائعين والمشترين لكميات كبيرة من السلع ولكن من خلال الأسهم والسندات .
  • الأسهم والسندات 
تنظم سوق الأوراق المالية حرية التعامل فى الأوراق المالية وكل ورقة من هذه الأوراق تمثل مبلغا من المال على شكل شهادة أو صك والشركة محلا تجاريا أو مشروعا التى ترغب فى زيادة رأسمالها تستطيع أن تصدر "أسهما" بقيم مختلفة تعرضها للبيع فى سوق الأوراق المالية ومشترى الأسهم بجزء من دخله المالى يعتبر شريكا فى إدارة المشروع ويحصل على فائدة تختلف بإختلاف معدل ربح هذا المشروع أما السند وهو بعكس السهم فهو صك لا يتيح لمالكه أى حق فى المشاركة بل هو وسيلة للإدخار تعود على حامله بربح ثابت وسوق الأوراق المالية لا تقدم سوى الوسطاء وليس حاملى تلك الصكوك إذ أن عددهم أكبر من أن يجمعهم مكان واحد وحاملوا الأوراق المالية يكلفون السماسرة أو الوكلاء بالبيع أو الشراء بأسمهم .
كانت أسواق البضائع موجودة فى العصور الوسطى توجد فى أنفرس وليون وأمستردام ولندن وفى بروج كان التجار يجتمعون فى منزل أسرة فان در بورص وهو كما يروى الذى سميت بإسمه سوق الأوراق المالية "البورصة" وسرعان ما تكونت مؤسسات مشابهة تخصصت فى تجارة الأسهم والسندات وهكذا نشأت البورصة وبعد أنفرس أصبحت لندن أهم مركز مالى فى العالم بعد إنشاء سوق أوراقها المالية فى عام 1773 وبعد أن نافستها سوق باريس فى القرن 19 أصبحت اليوم فى المركز الثانى بعد سوق نيويورك أو وول ستريت التى تمثل 25 مليون مساهم وكانت أول قائمة تنشر بأسعار الأوراق المالية هى التى بدأ نشرها فى أنفرس عام 1592 .
  • سعر الصرف وجداول الأسعار 
إن جدول أسعار السوق المالية هو الإعلان الرسمى لأسعار الأوراق المالية التى يجرى تداولها داخل السوق وهو ينشر بعد كل جلسة وجلسات السوق علنية يجرى فيها التعامل فى الأوراق المالية حول "الحلقة" وهى حيز مستدير يحيط به حاجز ويتم فيه الإعلان عن الأسعار بالمناداة ومندوب السوق هو الذى يعلن عن كل الأسهم والسندات المسجلة بأسعارها فى السوق وما أن يتم الإعلان عن إحدى هذه الأوراق حتى يقوم الوكلاء بالمناداة بأعلى صوت ممكن عن عروضهم للشراء أو للبيع ويجرى تحديد سعر متوسط يعرف بإسم جدول أسعار السوق وعندئذ تتم التعاقدات وتنتقل الحركة إلى الورقة المالية التالية ولا تسجل فى سوق الأوراق المالية سوى أوراق الشركات الكبرى ويختلف عددها من مكان إلى آخر دون أن يكون ذلك مؤشرا رسميا على المركز الإقتصادى الفعلى للبلد .
ففى عام 1967 كان عدد الشركات المسجلة أسهمها فى سوق نيويورك 1275 شركة فى حين أن العدد المسجل فى سوق لندن كان 3852 شركة وفى نفس العام كان عدد الشركات المسجلة فى سوق باريس 903 شركة فقط فإن سوق الأوراق المالية هى المحرك والمنظم للإقتصاد الرأسمالى من حيث أنها تسمح بتطبيق قانون العرض والطلب تطبيقا كاملا وشرعية الأوراق المالية المعروضة فى السوق يؤكدها نظام ضمان متين فاللجنة المختصة بعمليات السوق تلزم كل شركة مسجلة فى سوق باريس بنشر وثائق مختلفة منها بيان رسمى بنشاط الشركة كل ثلاثة شهور وميزانية نصف سنوية أو سنوية وتختص هذه اللجنة وحدها بتسجيل أو شطب الأوراق المالية فى جدول الأسعار .
وقد أحرزت سوق نيويورك شهرة حزينة منذ يوم 24 أكتوبر 1929 وهو اليوم الذى أشتهر بإسم "يوم الجمعة الأسود" والذى حدث فيه الإنهيار المالى ومن بعدها الأزمة الإقتصادية العالمية التى لم يسبق لها مثيل وكان التضخم فى الإنتاج الإقتصادى وفى النقود التى جمعتها الولايات المتحدة الأمريكية سببا فى زيادة المضاربة فى البورصة ومع التصاعد المستمر فى الأسعار فقدت هذه كل دلالة حقيقية على أسعار الأسهم وعندما بلغت المضاربات ذروتها إنسحبت البنوك من السوق بهدف القضاء على الأزمة فكان ذلك إشارة البدء فى تدهور الأسعار وبدأ "الهبوط العظيم" وقدر له أن يستمر خمس سنوات مسببا شلل النشاط الإقتصادى وناشرا البطالة والفقر بين العمال فى أرجاء العالم الرأسمالى ولم يبدأ الموقف فى التحسن إلا إبتداء من عام 1932 فى الولايات المتحدة ومن عام 1934 فى أوروبا .
ويدلل التعبير "المضاربة فى سوق الأوراق المالية" على الأسطورة التى تقول بأن "الثروات تتكون فى سوق الأوراق المالية كما كانت تتكون قديما على موائد الميسر" والواقع أن رجال المال الحقيقيين يربحون أموالا من السوق ذلك لأن ما أكتسبوه من خبرة وتجربة فى المجال الإقتصادى والنقدى يجعلهم يوجهون إستثماراتهم نحو القطاعات المزدهرة والتى تستفيد من التقدم الفنى .
كما أن الهواه على إختلاف خبراتهم يضاربون فى البورصة وبالنسبة لعدم إلمامهم العميق بخبايا تلك السوق ولفرط ثقتهم فى حسن حظهم قد يحدث أن يحققوا ثراء لفترة ما سواء لأن الحظ حالفهم أو لأن الموقف الإقتصادى العام كان مواتيا للنشاط فى السوق وبعد أن تبلغ ثقة هؤلاء الهواة بأنفسهم حد الإفراط لابد أن يأتى وقت يرتكبون فيه خطأ ما يؤدى إلى دمارهم فى يوم واحد .
والبورصة لا تستطيع أن تعمل بطريقة طبيعية دون أن يكون هناك قدر ما من حرية تداول رؤوس الأموال ولذلك فإنها تنفر من كل حدث إقتصادى أو إجتماعى قد يؤدى إلى تقييد أو إلغاء تلك الحرية مثل رقابة الحكومة أو التأميم ولما كان نظام هذه الأسواق غير معترف به فى البلاد الإشتراكية فإنها ستظل رمزا على سيطرة رأس المال فى بلدان العالم الغربى وأيضا تبقى هى السبب الرئيسى فى ضياع الإقتصاد بالشرق الأوسط والوطن العربى وفى الإنهيارات الإقتصادية المتكررة فى الغرب والتى وبطبيعة الحال لا نسلم منها .

مواضيع ذات صله: