إن إرتباطها بالقوانين الإقتصادية يجعلها تخضع للعديد من التأثيرات سواء كانت خاصة أو حكومية
الأسعار هى التعبير النقدى لقيمة السلعة وهى فى نفس الوقت التقدير المعنوى للإنتاج محسوبا بساعات العمل وهناك عوامل عديدة تدخل فى هذا التقدير ولذلك فإننا نميز مثلا بين سعر التكلفة الصناعى وسعر التكلفة التجارى ومجموع هذين السعرين يحدد ثمن السلعة ويحسب سعر التكلفة الصناعية على أساس ثمن الخامة الأولية ومصاريف التصنيع (الأجور والكهرباء .. إلخ) والمصاريف العمومية للمشروع ويضيف سعر التكلفة التجارى إلى هذه العناصر مصاريف البيع (النقل والتجهيز والتخزين إذا أحتاج الأمر وأجر البائع .. إلخ) وتضاف إليها المصاريف العمومية للبائع نفسه وبعد أن يتم تقدير السعر يجرى ترجمته إلى قيمة نقدية يمكن أن تكون بأوراق النقد أو بمعدن مثل الذهب أو الفضة وفى الأزمنة القديمة كانوا يستخدمون نظام المقايضة وهو مبادلة سلعة بآخرى مع تقدير قيمة للمعادلة بينهما مثلما كان يحدث بين المشترين الذين كانوا ينتمون للنظام الرأسمالى والبائعين الذين كانوا ينتمون للنظام الإشتراكى فكان إلى جانب عقود البيع والشراء التى تتضمن الدفع بعملة دولية فإنه كثيرا ما كان يحدث أن يستخدم نظام المقايضة كما كان يفعل الإتحاد السوفييتى إذ كان يجرى مقايضة الغاز الطبيعى أو البترول بالعدد الآلية والمنتجات كاملة الصنع أو نصف المصنعة بالمواد الغذائية وكذلك رومانيا فكانت تجرى مقايضة الشحوم الحيوانية أو البترول وبالنسبة لبولندا الفحم بالمواد الإستهلاكية .. إلخ .
- أرتفاع الأسعار وأنخفاضها
تتوقف الأسعار على ثلاثة عوامل هى وفرة أو ندرة السلعة فى السوق والنوع وأخيرا العرض والطلب ومن الجائز أن تضاف إليها قيمة إنتاج العمل وبالنسبة لهذا العامل الأخير يكفى أن نعطى مثلا واحدا فعندما حدثت الإكتشافات البحرية العظمى فى القرن 16 أدت إلى كثرة مقدار الذهب الموجود فى أوروبا فأرتفعت الأسعار بسبب قلة عدد العمال وعندما تتوافر السلعة فى السوق ينخفض سعرها أما إذا قل المعروض منها أرتفع سعرها بسرعة هذا وبالإمكان تنظيم ندرة السلعة فعندما ألغى تورجو الضرائب فى فرنسا فى عهد لويس السادس عشر تعطلت حرية حركة السلع نتيجة تدخل المضاربين الذين أشتروا كل ما كان مطروحا فى السوق من الحبوب وأختزنوه ولذلك شحت كميات الدقيق بالرغم من أن المحصول لم يكن رديئا وأرتفعت الأسعار وعلى ذلك يجب أن نضيف لكل العوامل التى سبق ذكرها عنصرا آخر هو المضاربة التى تؤدى إلى الإحتكار وهو يدل على أمتياز واقعى أو قانونى يمنح لفرد أو لشركة حق الأنفراد بصناعة أو ببيع بعض المنتجات أو أستغلال بعض الخدمات .. إلخ وتؤدى هذه الظاهرة إلى أرتفاع الأسعار كما حدث فى مصر مع أحمد عز عندما أحتكر سلعة الحديد ولكنها قد تؤدى أيضا إلى أنخفاضها كما حدث عندما قام المليونير الأمريكى روكفلر بأنشاء الإتحاد الإحتكارى لآبار البترول وتخفيض أسعار البيع ليقضى على منافسيه .
- الأسعار والأحتكارات
إن تدخل الإحتكارات الخاصة فى الأسعار يلقى عادة محاربة من الحكومات الحريصة على الأهتمام بشكاوى المنافسين الذين أبعدوا عن السوق أو تضرروا من تحول التجارة الدولية فى صالح بعض الأفراد وأشهر الأمثلة على مقاومة الإحتكارات الخاصة هو الذى قدمته الولايات المتحدة الأمريكية وهى الدولة التى تتميز من حيث المبدأ بالرأسمالية ففى أواخر القرن 19 قام بعض أصحاب الملايين وبصفة خاصة روكفلر فى البترول وفاندربلت فى السكة الحديدية والملاحة وكارنيجى فى الصلب بأحتكار السوق مما أدى إلى ردود فعل عنيفة على الأسعار لدرجة أن الحكومة الأمريكية أضطرت للتدخل بإصدار قانون سيرمان الشهير فى 2 يوليو 1890 والمعروف بالقانون المضاد لإتحادات الإحتكار الذى أعاد الحرية للأسعار بتجريم الإحتكار وفى عام 1971 وجهت سلطات السوق المشتركة نظر بعض المشروعات الفرنسية والألمانية والبلجيكية للرجوع عما حاولته من أحتكار سوق السكر فيما بينها وفرضها أسعارا عالية نظرا لعدم وجود منافسين لها .
هذا والإحتكار الحكومى يتدخل فى مستويات الأسعار وذلك لأسباب مختلفة وهى أحيانا لأسباب ضريبية لأن المنتج الصناعى يخضع لضرائب الغرض منها تغذية ميزانية الدولة من ذلك مثلا ثمن بيع البنزين فى فرنسا إذ أرتفع بدرجة كبيرة بالنسبة لأسعار المستورد منه ولكنه يشكل موارد ضخمة للحكومة كما قد تكون أسبابا ذات طابع إجتماعى مثل الأنظمة الإشتراكية حيث تقل الأهمية المعطاه لسعر التكلفة والمصاريف العمومية عنها فى الأنظمة الرأسمالية نجد أن الإحتكار الحكومى قد يفرض تخفيضا عاما للأسعار ولأسباب تتعلق بحالة الشعب وظروفه المعيشية والعدل الإجتماعى بين طبقات المجتمع كما حدث فى عهد الرئيس المصرى جمال عبد الناصر .
- إغراق السوق بالبضاعة
إن التدخل فى الأسعار سواء كان من جانب الحكومة أو المشروعات الخاصة يحدث أيضا لأسباب آخرى إذا كان الأمر متعلقا بالسيطرة على السوق والتصرف بعد ذلك بشتى الطرق إذ تكون المنافسة قد أزيحت نتيجة عجز المنتجين الآخرين ويعرف ذلك النظام بنظام إغراق السوق بالبضاعة وتتلخص هذه الطريقة فى طرح كميات كبيرة من السلعة بأسعار أقل من الأسعار المحلية أو بأسعار أقل من سعر التكلفة الأجنبية ويعتبر ذلك تطبيقا عمليا للمبدأ الساخر القائل "أخسر فى كل سلعة لتربح فى كل السلع" وبديهى أن الربح إنما يتحقق من الأصناف التى لم تنخفض أسعارها وأوضح الأمثلة على ذلك ما تفعله المتاجر الكبرى التى تبيع سلعة أو أكثر بخسارة وتعوض هذه الخسارة من مبيعات سلع الأقسام الآخرى وعلى المستوى الدولى كثيرا ما تلاقى هذه الطريقة تأييد الحكومات التى يهمها نسف بعض المنتجات فقبل الحرب العالمية الأولى كانت حكومة الإمبراطورية الألمانية تداوم على أستخدام هذه السياسة وذلك بمساندتها للمنتجين الذين كانوا يغرقون الأسواق الأجنبية بالمنتجات المصنوعة فى ألمانيا بأسعار أقل من أسعار بيعها فى ألمانيا نفسها وبعد الحرب العالمية الأولى أتبعت اليابان نفس الأسلوب وكما تفعل الصين الآن فى الأسواق الأجنبية وبالذات العربية لكى يسهل الأستيراد عن الصناعة وبالتالى تظل هى الدولة المصنعة والعالم هو المستورد وهناك حالة من حالات إغراق السوق الإجبارية وهى حالة المصنع الذى يضطر فى حالة الأنكماش التجارى للأستمرار فى التشغيل ويضطر لبيع المنتجات التى يصنعها بأقل من أسعار التكلفة الحقيقية .
- الرقابة على الأسعار
إن الإقتصاد الذى يمر بأزمة يتعرض لعدد من الظواهر النقدية لها تأثير مباشر على الأسعار فالتضخم ومعناه الزيادة الكبيرة فى إصدار أوراق النقد يؤدى حتما إلى أرتفاع الأسعار إذ أن السلعة المصنعة تظل ثابتة وتضطر لمواجهة الظروف السائدة أما الإنكماش وهو عكس التضخم فيميل إلى الإقلال من تداول أوراق النقد بهدف تخفيض مستوى الأسعار ويرى الإقتصاديون أن ذلك إجراء خداع بسبب بطء آثاره كما أنه يلاقى معارضة من العمال الذين يرفضون تخفيض أجورهم بقدر ما يلاقى نفورا من أصحاب الأعمال لما ينتج عنه من أنخفاض الأسعار وتخفيض قيمة النقد يعقب عادة التضخم وهو مجرد إقرار بأنخفاض هذه القيمة ويؤدى إلى وضع تقويم جديد للنقد الأهلى على أساس الذهب ومن نتائجه المباشرة الأرتفاع العام فى الأسعار الذى يتماشى مع التقويم الجديد وتلجأ كثير من الحكومات إلى فرض الرقابة على الأسعار للإقلال من آثار التضخم وتلجأ بعض الحكومات أيضا إلى تحديد الأجور بهدف المحافظة على الإستقرار عاملة على أن تستند زيادة الأجور إلى زيادة أسعار البيع وهنا تختلف الآراء فعندما قام الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون بتطبيق أقسى درجة من الرقابة على الأسعار فجمد كل الأسعار فى الولايات المتحدة يوم 13 يونية 1973 ولم يجمد الأجور إذ أن إطلاق الحرية لها فى الزيادة أدى لزيادة الإنتاج .
وتلجأ حكومات آخرى لقوانين تجريم الإتحادات الإحتكارية لمحاربة التضخم وهذا هو ما فعلته حكومة جمهورية ألمانيا الإتحادية عندما قررت فى 14 يونية 1973 إنهاء التحديد الذى فرضته الهيئات الصناعية بهدف إطلاق حرية المنافسة فى الأسواق الداخلية والرقابة على الأسعار من سمات النظام الإقتصادى الموجه وهى تهدف لحماية المستهلك ضد أرتفاع الأسعار والمنتج عندما تهدده أزمة أقتصادية بتخفيض الأسعار وهذا الأحتياط يكون عادة بوحى تجنب المتاعب الإجتماعية هذا وقد تكون الرقابة على الأسعار مصحوبة بدعم بعض المنتجات لمساعدة فقراء الشعب .
- مؤشر الأسعار
هو المقياس الذى يتيح للحكومة إمكانية مراقبة تقلب الأسعار وكان الإقتصادى الإنجليزى م . نيومارك هو الذى فكر فى هذا النظام فى عام 1859 ويقوم بوضع هذا المؤشر عادة مكتب حكومى يضم فى كثير من الدول جهازا للمراجعة تشكله النقابات ولتحديد هذا المؤشر تجرى متابعة التغيرات التى تحدث فى عدد كبير من السلع متابعة دقيقة ويؤدى أستخدام قواعد فنية مناسبة إلى الحصول على مقارنات هامة على المستوى الدولى ويؤدى السباق بين الأجور والأسعار إلى التذمر وأحيانا إلى الإضرابات والثورات كما يحدث الآن فى الوطن العربى وعندما تظل الأسعار ثابتة فإن كل عامل يقنع بالأجر الذى يتقاضاه ولذلك فإن الأسعار تتدخل بطريقة حاسمة فى الشئون السياسية للدولة وكل حكومة يهمها أن تستقر فى منصبها تجد نفسها مضطره لمراقبة تطور الأسعار التى يدل ثباتها أو تطورها البطئ فى حالة عدم الثبات على متانة المركز الإقتصادى للدولة وعلى قوة الإنتاج فيها .