عواقب الحرب العالمية الثانية









أحدثت الحرب العالمية الثانية إنقلابات كبرى من الناحية العملية فى كافة المجالات سواء  الإنسانية أو العسكرية أو فى الجغرافيا أو السياسة أو الإقتصاد أو غيرها وقد نشأت نتيجة لها أحلاف جديدة فى الغرب والشرق وقامت منظمة دولية جديدة أما اليهود الذين لقوا الإضطهاد على أيدى النازيين فقد تجمعوا وأحتلوا دولة فلسطين وقد كان هناك إدراك مباشر للغاية عام 1945 بضلال نظام هتلر وما أنطوت عليه أساليبه من رعب وهكذا كان الهدف الأول هو القضاء على النظام الإشتراكى وكان من شأن وجود معسكرات الإبادة أن وضع الحلفاء أخيرا أمام ضرورة معاقبة المذنبين بطريقة رادعة .
  • قضية نورمبرج 
إن مفهوم جريمة الحرب لم ينشأ نتيجة للأعمال التى إرتكبها النازيون وإنما سبق إستخدامه خلال وبعد الحرب العالمية الأولى ولو أنه فى ذلك الوقت لم يكن هناك تشريع دولى خاص به وإبتداء من عام 1941 أخذ كل من روزفلت وتشرشل ينددان بجرائم النازية وفى أول نوفمبر 1943 أصدر الأمريكيون والبريطانيون والسوفييت بيانا عن جرائم الحرب وعندما إنتهت تلك الحرب وضعت لجنة التحقيق الأسس القانونية لمحكمة عسكرية دولية تكلف محاكمة المجرمين وقد كانت الدول الأربع الكبرى وهى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والإتحاد السوفييتى ممثلة فيها كما تقرر أن تعقد جلساتها فى نورمبرج والواقع أن هذه المدينة كانت على نحو ما هى العاصمة الروحية للرايخ الثالث بمؤتمراتها التى كانت تتجمع فيها مئات الألوف من المتعصبين .
  • فى مقاعد الإتهام 
أفتتحت الجلسة الأولى يوم 20 نوفمبر 1945 لتحديد الإتهامات الموجهة إلى 23 من أكبر زعماء النظام النازى وفى أول أكتوبر 1946 صدر الحكم بالإعدام على 12 من بينهم وهم الماريشال جورنج وفون ريبنتروب وزير الخارجية وكالتن برونر قائد جنود العاصفة ومعسكرات الإعتقال وروزنبرج وزير الأراضى المحتلة فى الشرق وفرانك مدير المعسكرات وفريك حاكم بوهيميا ومورافيا وسوكل المشرف على أعمال الأجانب وسيس إنكارت حاكم بولندا وهولندا وسترايشر رئيس تحرير صحيفة شتورمر المناهضة للسامية وجودل وهو الجنرال الذى أصدر أوامر الترحيل وكيتل الذى وضع مرسوم ليل وضباب الذى كان يبعث برجال المقاومة إلى المعسكرات وأخيرا غيابيا على بورمان سكرتير هتلر وقد أعدم المتهمون شنقا فيما عدا جورنج الذى تمكن من الإنتحار بالسم .
وأصدر القضاة كذلك ثلاثة أحكام بالسجن مدى الحياة وأربعة أحكام بالسجن لمدد مختلفة وثلاثة أحكام تقضى بالبراءة ونظرت 13 قضية آخرى فى نورمبرج خلال العامين التاليين منها قضية الأطباء وقضية رجال الصناعة أما الذين كانوا يقومون بأعمال التعذيب فقد حكم عليهم فى الأماكن التى مارسوا فيها هذه الأعمال وخاصة فى معسكر الإعتقال فى رافنسبروك وبالإضافة إلى ذلك جرت محاكمات لمجرمى الحرب فى اليابان فصدرت فى طوكيو أحكام بإعدام ثمانية منهم شنقا عام 1948 .
  • مصير اليهود 
تم تنظيم عملية إبادة اليهود خلال الحرب على مستوى واسع فى كافة دول أوروبا التى أحتلتها ألمانيا أى فى جزء كبير من أوروبا القديمة وهكذا تم القضاء على الشعب اليهودى فى ألمانيا وفى بولندا ولتوانيا وتشيكوسلوفاكيا واليونان وهولندا وقد أختفى أكثر من 400.000 يهودى فى رومانيا و200.000 فى المجر أى نصف اليهود فى كل منهما وهذه الوقائع هى ما أطلق عليه الهولوكوست وبعد إنتهاء الحرب مباشرة إتجه اليهود الذين كانوا لا يزالون وراء "الستار الحديدى" إلى الغرب ولا شك أن المصير الرهيب الذى كان من نصيب هؤلاء اليهود حتى نهاية الحرب قد لعب دورا فى أحتلال الصهاينة لدولة فلسطين بعد حرب النكبة عام 1948 وبعد ذلك طوال سنوات الهجرة كانت حركة الهجرة كثيفة نظرا لأن عددا كبيرا من يهود أوروبا كانوا يريدون الذهاب إلى حلم الدولة الصهيونية وقد جاء كذلك من أمريكا وغيرها من القارات مما ضاعف عددهم أربع مرات فيما بين عامى 1948 و1969 .
  • تقسيم ألمانيا 
خلال ذلك ما الذى حدث لألمانيا ؟
لقد إجتاحتها من الشرق الجيوش السوفييتية ومن الغرب جيوش الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مما جعلها تنقسم إلى أربعة قطاعات أحتلال وأنخفضت مساحة الرايخ إلى أربعة أخماس ما كانت عليه قبل عمليات الضم التى قام بها هتلر فقد أعاد السوفييت إلى بولندا الأقاليم الألمانية الواقعة شرقى خط أودر ـ نايس وحصلوا على شريحة ضخمة من بولندا الشرقية وهذا هو سبب الحديث عن إنزلاق بولندا نحو الغرب .
لقد دمرت ألمانيا عام 1945 وذاق شعبها الجوع وسادتها فوضى أخلاقية يضاف إلى ذلك أن مجلس الحلفاء المشرف عليها وضع خطة لتفكيك كل ما فيها من صناعات فقد كان يهدف إلى تدمير القواعد الإقتصادية للقوة العسكرية للدولة المنهزمة وتوزيع الممتلكات التى صودرت فيها على المنتصرين بمثابة تعويض عن خسائر الحرب غير أن الولايات المتحدة أخذت على عاتقها فى نفس الوقت عن طريق مساعدة بالغة التكاليف مهمة الحيلولة دون الألمان والموت جوعا ذلك أنه إبتداء من عام 1948 وأستفادت مناطق الأحتلال الثلاث بمشروع مارشال بلان وهذا المشروع الأمريكى للمساعدة تم أقتراحه فى البداية على جميع الدول الأوروبية بما فيها الإتحاد السوفييتى لكن الدول الإشتراكية رفضته بناء على إيعاز من ستالين وعند ذلك رأى الغربيون ضرورة عون ألمانيا على النهوض من كوبتها وجرى الحديث عن "المعجزة الأقتصادية" التى تعطى لجمهورية ألمانيا الإتحادية التى قامت عام 1949 على حين أن المنطقة التى يحتلها السوفييت أصبحت فى نفس الوقت تقريبا جمهورية ألمانيا الديموقراطية .
  • فرق تسد 
أخذت الخصومة بين النظامين الرأسمالى والإشتراكى فى أوروبا تزداد عنفا وتحولت إلى ما عرف بأسم الحرب الباردة وهو التعبير الذى أطلقه تشرشل وفيما بين شطرى ألمانيا قام ما سمى بالستار الحديدى وهكذا فإنه بعد الحرب العالمية الثانية كانت مشكلة ألمانيا مثلها مثل مشكلة برلين التى فرض عليها الإتحاد السوفييتى الحصار عام 1948 ـ 1949 وقسمها إلى جزءين بالسور الذى عرف بأسم "حائط العار" عام 1961 هى التى حكمت جميع العلاقات بين الشرق والغرب وكان لابد من أنتظار سياسة الأنفتاح التى أنتجها فيلى برانت فى السبعينات للتوصل إلى تسوية للمسألة الألمانية ليس فى إتجاه توحيدها وإنما فى إتجاه الأعتراف بدولتين ألمانيتين منفصلتين عن بعضهما بعضا ومستقلتين وكان ذلك عام 1973 .
  • الحرب الباردة 
ما أن إنتهت الحرب حتى وجد أولئك الذين كانوا حلفاء ضد ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابان أنهم يقفون فى وجه بعضهم بعضا لقد كان الستار الحديدى يفصل بين مفهومين سياسيين مختلفين إختلافا أساسيا وعند ذلك نشأ ما عرف بأسم المعسكرات فكان هناك المعسكر الغربى الأمريكى والأوروبى والمعسكر الشرقى الذى أستدار نحو الإتحاد السوفييتى وسرعان ما أقام الغربيون حلفا لهم إذ وقعوا يوم 4 أبريل 1949 فى واشنطن ميثاق الأطلنطى الذى تزود على الفور برأس حربة هى حلف الأطلنطى أى منظمة معاهدة شمال الأطلنطى وفيما يختص بالدول الموقعة على هذه المعاهدة الجديدة وبصفة خاصة بالنسبة للأمريكيين فإن هذا التحالف يجب أن يكون أول شيئ مقابلا لتوسع الأنظمة الإشتراكية التى قامت فى الدول الشرقية منذ عام 1945 والواقع أن هذه الدول إنتقلت واحدة بعد الآخرى إلى النظام الإشتراكى وشكلت مع الإتحاد السوفييتى معسكرا أقلقت قوته الولايات المتحدة وفضلا عن ذلك فإن الإشتراكيين أخذوا يهددون بالإستيلاء على الحكم فى اليونان حيث إندلعت الحرب الأهلية وبدأت تنتشر الإضرابات الثورية فى فرنسا وإيطاليا .
وبمعنى آخر رأى الأمريكيون أن حلف الأطلنطى هو النتيجة المنطقية لمشروع مارشال فلقد كان من غير المجدى فى نظرهم إنفاق مبالغ طائلة لتجديد إقتصاد أوروبا الغربية بغير أن يتأكدوا من أنها ستظل فى فلكهم ويجب بصفة خاصة إدراك أن ميثاق الأطلنطى يسجل نهاية واقعتين سياسيتين رأسماليتين فى التاريخ المعاصر الأولى عزلة الولايات المتحدة فى فترة ما بين الحربين التى كان من شأنها أن مهدت جيدا لنجاح أهداف هتلر والثانية التكتل الذى حدث بين البلاد الرأسمالية وروسيا الإشتراكية ضد الرايخ الثالث وهذا هو السبب فى أن ميثاق الأطلنطى أعتبر فى موسكو عملية عدوانية لمحاصرة الإتحاد السوفييتى وحلفائه متجسدة فى إنشاء قواعد عسكرية دائمة فوق القارة الأوروبية .
ولم يجئ الرد إلا بعد ست سنوات بالتوقيع يوم 14 مايو 1955 على ميثاق وارسو الذى يربط بين الديموقراطيات الشعبية فى أوروبا الشرقية وبين الإتحاد السوفييتى وقد أنشأ قيادة عسكرية موحدة تنص على أنه فى حالة وقوع هجوم مسلح على أى دولة من الدول الموقعة عليه تقدم إليها الدول الآخرى معونة مباشرة بكافة الوسائل وتتعين الإشارة إلى الطابع السياسى لهذا الإتفاق ففى عام 1956 فى المجر وعام 1968 فى تشيكوسلوفاكيا كان مبررا لتدخل قوات الإتحاد السوفييتى .
  • المعاهدات الإقتصادية 
وفى نفس الوقت الذى قامت فيه هذه الأحلاف العسكرية عقدت معاهدات أقتصادية على جانبى الستار الحديدى ففى شهر أبريل 1951 وقعت ست دول وهى جمهورية ألمانيا الإتحادية وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولكسمبورج وهولندا فى باريس إتفاقية أنشأت الإتحاد الأوروبى للفحم والصلب وقد أعلن الموقعون على هذه الإتفاقية عن عزمهم على أن يحل محل خصوماتهم القديمة إتحاد لمصالحهم وعلى أن يؤسسوا بفضل قيام وفاق أقتصادى بينهم القواعد الأولى لأتحاد أكثر إتساعا يتجاوز الحدود الوطنية على أنه كان لابد من الأنتظار حتى 25 مارس 1957 حتى تؤسس الدول الست فى روما الإتحاد الإقتصادى الأوروبى أى السوق المشتركة والإتحاد الأوروبى للطاقة الذرية وهدف الإتحاد الإقتصادى الأوروبى أن تلغى تدريجيا الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء فتقوم بذلك سوق أوروبية موحدة يجرى فيها تداول البشر والسلع ورءوس الأموال بنفس الحرية التى يعمل بها فى داخل الكوادر الوطنية القديمة أما إتحاد الطاقة الذرية الذى كان تقدمه أكثر صعوبة من ذلك فإن مهمته تهيئة الظروف الفنية والصناعية للأستخدام السلمى للطاقة الذرية بحيث يتاح لأوروبا عن طريق تجميع مصادرها أن تصبح قوة نووية وصناعية .
  • باقى دول أوروبا تنظم نفسها 
وقد جاءت فيما بعد ثلاث دول لتنضم إلى السوق المشتركة وكان ذلك فى أول يناير 1973 بموجب أتفاقيات تم التوقيع عليها رسميا يوم 22 يناير 1972 فى بروكسل من جانب رؤساء وزراء كل من بريطانيا وأيرلندا والدنمارك وقد وقعت حكومة النرويج كذلك أتفاقية بإنضمامها غير أن الشعب النرويجى رفض ذلك فى أستفتاء عام وقبل ذلك كانت بريطانيا قد رفضت الأشتراك فى هذه العملية بسبب طابعها كمجمع للقوميات وللمعادلة التفضيلية التى كانت تنوى منحها لأعضاء الكومنولث وهكذا فإنها تراجعت فى شهر نوفمبر 1959 بإنشاء تجمع أوروبى للتبادل الحر ضم سبع دول هى النمسا والدنمارك والنرويج والبرتغال وبريطانيا والسويد وسويسرا ولم يكن هدف هذا التجمع سوى تخفيف الأنظمة الجمركية بغير تنسيق السياسات التجارية والأقتصادية أما السوفييت فقد قرروا إبتداء من شهر يناير 1949 وضع أسس مجلس للمساعدة الأقتصادية المتبادلة هو الكوميكون الذى ضم إلى الإتحاد السوفييتى جميع الدول الإشتراكية وكان دور هذا المجلس فى البداية محدودا للغاية ولكنه منذ عام 1954 ضاعفت الدول الأعضاء فيه جهودها للتوصل إلى وحدة أقتصادية ظلت مع ذلك خاضعة لسلطة الكرملين .
  • الإتفاقيات النقدية 
وهناك نتائج آخرى للحرب منها قيام صندوق النقد الدولى والواقع أن الحاجة إلى تعاون بين دول الغرب تمهيدا لتنمية التجارة الدولية كانت قد أتضحت قبل أن تنتهى الأعمال الحربية ولهذا الغرض عقد مؤتمر عام 1944 فى بريتون وودز بالولايات المتحدة صدر عنه إعلان مشترك نشأ بموجبه نظام نقدى حقيقى يقوم على مبدأ القطع الثابت وحرية تحويل العملات وتهاون دولى وفى البداية كان صندوق النقد الدولى مفتوحا لجميع الدول وقد وقع الإتحاد السوفييتى إتفاقيات بريتون وودز ولكنه عاد فرفض التصديق عليها كما فعلت جميع الدول الإشتراكية الآخرى فيما عدا يوغوسلافيا وقد أدت هذه المجابهة التى نشأت بدورها نتيجة للحرب العالمية الثانية إلى التقليل من أهمية التبادل على أساس قاعدة الذهب ووفقا لهذا النظام فإن إحتياطيات بنوك الإصدار لا تتكون فقط من الذهب وإنما كذلك من العملات التى تتمتع بضمانات كافية مثل الدولار والجنيه الأسترلينى اللذين أصبحا إلى جانب الذهب عملات أحتياطية ويستند حسن سير العمل بهذا النظام فى جانب كبير منه على الثقة الدولية فى هاتين العملتين الكبيرتين وبصفة خاصة الدولار ومنذ عام 1955 كان ميزان المدفوعات فى الولايات المتحدة يعانى عجزا متزايدا مما جعل الدولار يتدهور سعره ونتج عن ذلك أرتفاع كبير فى سعر الذهب الذى أخل إخلالا كاملا بالطريقة النقدية التى خرجت على إثر توقيع إتفاقيات بريتون وودز وفضلا عن ذلك فإن الولايات المتحدة لم تشجع هذا التطور إذ أن الإتحاد السوفييتى بإمتلاكه لإحتياطيات كبيرة من الذهب يزداد بذلك ثراء وبصفة مستمرة مما يجعله يوجه تهديدا دائما إلى سوق النقد الدولية فى الوقت الذى لا يعتبر فيه مجرد مشترك فى الصندوق .
  • الأمم المتحدة 
كان إنشاء منظمة الأمم المتحدة بموجب ميثاق سان فرانسيسكو عام 1945 بدوره نتيجة للحرب العالمية الثانية وهذه الجمعية العالمية مفتوحة من حيث المبدأ لجميع الدول ومقرها الرئيسى فى نيويورك ومقرها الأوروبى فى جنيف أما هدفها الأساسى فهو الحفاظ على السلام الدولى عن طريق تسوية النزاعات المحلية وإقامة تعاون دولى فى المجالات الأقتصادية والأجتماعية والعلمية والإنسانية وتأكيد حقوق وحريات الفرد وضمانها بغير تفرقة من أى نوع .
وأهم الهيئات التابعة للأمم المتحدة هى :
الجمعية العامة : وتتكون من جميع الدول الأعضاء 
مجلس الأمن : ويتكون من 15 عضوا منهم خمسة دائمون هم الولايات المتحدة والإتحاد السوفييتى روسيا حاليا وبريطانيا وفرنسا والصين ولكل منهم حق الفيتو أى الأعتراض على أى قرار 
المجلس الإقتصادى والإجتماعى 
السكرتارية العامة 
ولكى تنهض الأمم المتحدة بمهمتها كانت لها سلطات أوسع مما كان قبل ذلك لعصبة الأمم التى أنشئت فيما بين الحربين ويمكن لمجلس الأمن أن يصدر عقوبات دبلوماسية وأقتصادية بل وحتى قرارات بأستخدام القوة المسلحة التى تقدمها الدول الأعضاء .
  • توازن القوى 
إن تحليل كافة الأحداث التى قدمناها تقود إلى النتيجة التالية وهى أن عواقب الحرب العالمية الثانية أدت إلى حدوث مواجهة ملموسة بين الشرق والغرب فى جميع المجالات الفكرية والإقتصادية والسياسية إلا أنها لم تتحول إلى نزاع مسلح على الأقل بصورة مباشرة بين الدول المعنية الرئيسية ومن الواضح أن أغلب الحروب التى أندلعت إقليميا منذ عام 1945 أستدعت تدخل الدول الكبرى وبالطبع لا يحول ذلك دون مضى الدول الكبرى فى سباق التسلح وبصفة خاصة سباق الأسلحة الذرية وذلك رغم الصدمة السيكولوجية التى نتجت عن قنبلتى هيروشيما وناجازاكى ومع ذلك تكتظ الترسانات بالمزيد من أدوات الدمار الشامل إلى حد يخشى معه من وقوع أقل خطأ فنى كان أم بشرى قد يؤدى إلى فناء العالم .
  • الخطر الأكبر 
فى عام 1962 أدت أزمة كوبا بالولايات المتحدة والإتحاد السوفييتى إلى أن أصبحا على حافة الكارثة ذلك أنه عندما حصل الرئيس كنيدى على الدليل القاطع أن السوفييت يبنون قواعد نووية فى الجزيرة وجه ما يشبه الإنذار النهائى إلى خروشوف الذى إنتهى به الأمر إلى التخلى عن مشروعه وكان التهديد من القوة بحيث صدرت معه إشارة الخطر بأنه لابد من العودة إلى العقل والتفكير فى الوسائل التى من شأنها تجنب هذه الأخطار ومنذ ذلك الوقت يعمل الأمريكيون والسوفييت بالسياسة التى تسمى سياسة الوفاق والتعايش السلمى التى سرعان ما توجب بأتفاقية تم التوقيع عليها فى شهر أغسطس 1963 فى موسكو بشأن وقف التجارب النووية فى الفضاء وتحت الماء وراحت الدول المعنية بعد ذلك فيما عدا فرنسا والصين الشعبية وألبانيا تضاعف من جهودها تمهيدا لنزع السلاح وكان ذلك أولا فى جنيف حيث عقد مؤتمر نزع السلاح ثم بعد ذلك فى مؤتمر الأمن الأوروبى ومؤتمر الأنسحاب المتبادل للقوات من أوروبا وقد ألتزمت كل من الدولتين الأعظم بالدخول فى مشاورات ثنائية حول الحد من الأسلحة الأستراتيجية ووقعتها فى شهر مايو 1972 أتفاقية هامة وذلك خلال الرحلة التى قام بها نيكسون للإتحاد السوفييتى وتحدد هذه المعاهدة عدد قواعد الصواريخ المضادة للصواريخ والصواريخ الذرية ومع ذلك فإن الأمريكيين والسوفييت ما زالوا يمتلكون ترسانات نووية لها قدرة لا حد لها تفوق كافة وسائل الدمار التى أستخدمت خلال الحرب العالمية الثانية .

مواضيع ذات صلة: